[مقال] كيف تدعم مجموعات العون المتبادل في السودان الأطفال غير الملتحقين بالمدارس

أنشأت المجموعات المجتمعية وشبكات المساعدة المتبادلة في المناطق المتضررة من الحرب في السودان مراكز تعليمية وأماكن آمنة للأطفال بعد ما يقرب من عامين من تعطل الدراسة. وأوضح المتطوعون في غرفة الاستجابة للطوارئ أن لديهم برامج تموّل المعلمين لتقديم دروس في المناهج الدراسية الوطنية، بالإضافة إلى مشاريع أخرى تقدم التعليم غير الرسمي وأنشطة مثل الفن والرياضة والموسيقى في أماكن آمنة وصديقة للأطفال.

وقال طارق، أحد أولياء الأمور: “لا يسعني إلا أن أشعر بالأمل وأنا أرى أطفالي يشاركون في هذه الدروس.”

اقرأ المقال.

التعليم عبر المبادرات في غزّة نهجٌ مبتكرٌ في سياقات الطوارئ

بقلم محمد شبير

يعتبر التعليم حقًّا إنسانيًّا وضروريًّا لجميع الناس في جميع الظروف، الطبيعيّة والاستثنائيّة، فهو يشكّل أساسًا للتنمية التي تصون الكرامة وتحافظ على الحياة. لا يمكن تحقيق المساواة في الحصول على تعليمٍ جيّدٍ، ومنصفٍ، وشاملٍ، ومستدامٍ، وآمنٍ للجميع، إلّا من خلال التخطيط الجيّد، والاستجابة الفعّالة للفاعلين والمؤثّرين والمسؤولين عن التعليم. يكتسب هذا الأمر أهمّيّةً خاصّةً، لتجنّب تكريس الهشاشة والتهميش، ولا سيّما في حالات الطوارئ، حين تؤدّي الصراعات والأزمات إلى استبعاد الطلاب، وحرمانهم من متابعة مساراتهم التعليميّة، ما يعرقل تقدّمهم ونموّهم الأكاديميّ. 

بداياتٌ صعبةٌ للتعليم في غزّة في ظلّ الحرب 

في السياق الفلسطينيّ، وتحديدًا في غزّة، تعطّلت المسيرة التعليميّة منذ أكثر من عامٍ، جرّاء حرب الإبادة التي تمارسها آلة القتل والتدمير الإسرائيليّة، والتي تسبّبت في حرمان حوالي 700 ألف طالبٍ وطالبةٍ من حقّهم في التعليم، وأسفرت عن استشهاد 11750 فلسطينيًّا من الطلبة، وتدمير وتخريب 439 مدرسةً، بين حكوميّةٍ، وأخرى تابعةٍ لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيّين (الأونروا). 

في ظلّ هذا المناخ القاسي بتعقيداته المختلفة، لم يفقد الفلسطينيّون الأمل، وأظهروا حرصًا على استعادة العمليّة التعليميّة التي يضعونها دومًا في رأس سلّم الأولويّات. فالتعليم بالنسبة إلى الإنسان الفلسطينيّ وسيلةٌ للصمود، وفرصةٌ لإثبات الذات، وأملٌ في حياةٍ أفضل، وحافزٌ للمستقبل. 

 استجاباتٌ مبتكرةٌ للتغلّب على الأزمة 

على رغم سوداويّة المشهد وقسوته في الميدان، إلّا أنّ الأزمات يمكن أن تقدّم فرصًا كبيرةً، وحلولًا خلّاقةً، لابتكار سياقاتٍ تعليميّةٍ تستجيب للطوارئ، وتستطيع التكيّف مع التراكمات المتولّدة جرّاء الأزمات. عجز المستوى الرسميّ، ممثّلًا بوزارة التربية والتعليم في غزّة، عن بناء تدخّلاتٍ تعليميّةٍ منذ بداية حالة الطوارئ التي فرضتها الحرب، خصوصًا مع تدمير المقدّرات والبنية التحتيّة، وغياب السيناريوهات البديلة، ما دفع بالجهود الشعبيّة والمجتمعيّة إلى التحرّك خطوةً نحو الأمام، لبناء تدخّلاتٍ تعليميّةٍ لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، في ظلّ ما يتعرّض إليه الطلبة من فاقدٍ تعليميٍّ فاق التوقّعات. من هنا، انطلقت المبادرات التعليميّة في سياقٍ تعليميٍّ غير رسميٍّ بديلٍ، يتبنّى شعار ضرورة استعادة العمليّة التعليميّة، وضمان التحاق الطلبة الفلسطينيّين بتعليمٍ منظّمٍ في ظلّ حالة الطوارئ. 

ماهيّة المبادرات التعليميّة لنهجٍ تعليميٍّ مبتكرٍ من الداخل 

مثّلَت المبادرات التعليميّة في غزّة استجابةً مجتمعيّةً مُنظّمةً، نفّذها أفرادٌ ومجموعاتٌ ومؤسساتٌ بدافعٍ ذاتيٍّ، من منطلق مسؤوليّتهم المجتمعيّة، لإنقاذ الواقع التعليميّ، وحماية حقّ الطلبة الفلسطينيّين في التعليم.  

تمثّل الهدف الأسمى للمبادرات التعليميّة المُنفّذة داخل قطاع غزّة في: 

– إيجاد بدائل وحلولٍ لمشكلة تعطّل العمليّة التعليميّة. 

– الاستجابة إلى الحاجات التربويّة والتعليميّة والمجتمعيّة الملحّة. 

– حشد الجهود لاستعادة العمليّة التعليميّة. 

– تعزيز الشراكة الشعبيّة والمجتمعيّة والوطنيّة، للحفاظ على التعليم من الضياع. 

– تنمية الإحساس بالمسؤوليّة المجتمعيّة لدى جميع الجهات ذات العلاقة. 

– تحقيق التعافي التعليميّ في حدوده الممكنة. 

المبادرات تعليميّة الشكل والمضمون 

شكّلت المبادرات التعليميّة، أو مساحات التعلّم، أو الملتقيات التعليميّة، نقطة دخولٍ آمنةً في الاستجابة إلى حالة الطوارئ وتعطّل التعليم في غزّة، سعيًا للوصول إلى التعافي التعليميّ تحت سقف الخيارات المتاحة. 

أخذت المبادرات عدّة أشكالٍ من حيث تبعيّتها، منها:  

– مبادراتٌ تعليميّةٌ ذات طابعٍ فرديٍّ، أطلقها أحد الأفراد، وقام بتنفيذها. 

– مبادراتٌ تعليميّةٌ جماعيّةٌ نفّذها فريق. 

– مبادراتٌ تعليميّةٌ مؤسّسيّة. 

– مبادراتٌ تعليميّةٌ عائليّة. 

– مبادراتٌ تعليميّةٌ تتبع لتنظيماتٍ سياسيّة. 

أخذت المبادرات أشكالًا مختلفةً من حيث الأنماط المتّبعة في تنفيذها، مثل: 

– نمط المبادرة العلاجيّة.  

– نمط المبادرة التطويريّة.  

– نمط المبادرة المتخصّصة في مجالٍ محدّدٍ، مثل الفنون، والمسرح، والرسم، والأشغال اليدويّة. 

وتنوّعت المبادرات من حيث فئاتها المستهدفة، فكان من بينها: 

– مبادراتٌ تعليميّةٌ شاملةٌ ودامجةٌ للجميع، من دون استثناء. 

– مبادراتٌ تعليميّةٌ خاصّةٌ بذوي الإعاقة، سواء السمعيّة أو الحركيّة. 

– مبادراتٌ تعليميّةٌ خاصّةٌ بالطلبة الأيتام. 

– مبادراتٌ تعليميّةٌ خاصّةٌ بأصحاب المواهب والإبداعات. 

– مبادراتٌ تعليميّةٌ خاصّةٌ بالطفولة المبكّرة. 

– مبادراتٌ تعليميّةٌ خاصّةٌ بطلبة الثانويّة العامّة.  

– مبادراتٌ تعليميّةٌ جامعيّة.  

– مبادراتٌ تعليميّةٌ خاصّةٌ بتحفيظ القرآن.  

– مبادراتٌ تعليميّةٌ افتراضيّة. 

المحتوى التعليميّ داخل المبادرات التعليميّة 

بحكم عملي ميسّرًا لمبادراتٍ تعليميّةٍ في الميدان، لاحظت أنّ تركيز المبادرين من المعلّمين والمعلّمات في سياق عملهم داخل المبادرات، انصبّ على ضمان التحاق الأطفال والطلبة بأيّ جهدٍ تعليميٍّ مُنظّمٍ، يعوّضهم الفاقد التعليميّ الذي تعرّضوا إليه، مركّزين على: 

– تنفيذ التهيئة النفسيّة، والتركيز عليها بصورةٍ مستمرّة. 

– تزويد الطلبة بالمهارات الأساسيّة في اللغتين العربيّة والإنجليزيّة، والرياضيّات. 

– استرجاع المحتوى التعليميّ للسنوات السابقة. 

– اعتماد الرزم التعليميّة المحدّدة من وزارة التربية والتعليم. 

– توظيف بطاقات التعلّم العلاجيّ. 

– اعتماد منهاج رياض الأطفال لمبادرات الطفولة المبكّرة. 

– تنمية المهارات الحياتيّة المختلفة لدى الطلبة. 

نمط التعليم المقدّم ضمن المبادرات التعليميّة في غزّة 

فرضت حالة الطوارئ على المعلّمين والمعلّمات المسؤولين عن تنفيذ المبادرات التعليميّة، تقديم أشكالٍ متنوّعةٍ من التعليم، تختلف من حيث الشكل والمضمون. فقدّم البعض التعليم المُسرّع، لتهيئة الطلبة للانتقال إلى مستوًى تعليميٍّ أعلى ضمن السلّم التعليميّ الفلسطينيّ، فيما قدّم البعض الآخر التعليم العلاجيّ، لسدّ الفجوات الناتجة عن الفاقد التعليميّ. واعتمد مبادرون آخرون على تبنّي التعليم الشموليّ والدامج، أو اعتمدوا التعليم المستند إلى المنهاج الرسميّ الذي حدّدته الوزارة قبل الحرب. في المقابل، لجأ آخرون إلى التعليم المختصر، لمواءمة العمليّة التعليميّة مع سياقات حالة الطوارئ المتغيّرة.  

 مساراتٌ تعليميّةٌ مغايرةٌ للانعتاق من القوالب القديمة 

ما الذي ميّز التعليم ضمن المبادرات في قطاع غزّه في ظلّ حالة الطوارئ؟  

قدّمت المبادرات التعليميّة خلال الحرب نموذجًا بديلًا عن التعليم الرسميّ، مستندةً في توجّهاتها إلى معايير الحدّ الأدنى للتعليم في حالات الطوارئ. ركّزت هذه المعايير على ضمان تحقيق الاستجابة التعليميّة في حالة الطوارئ، وشملت مختلف مكوّنات العمليّة التعليميّة، بدءًا من دعم الطالب والمعلّم، مرورًا بتطوير المحتوى التعليميّ، وصولًا إلى تحسين البيئة التعليميّة. كما تميّز التعليم عبر المبادرات بالمرونة المكانيّة والزمنيّة، إذ تنقّل المعلّمون المبادرون للوصول إلى الطلبة، مستجيبين إلى حالات النزوح داخل مراكز الإيواء، ومخيّمات النزوح. كما امتازت المبادرات بتوفير التعليم الشامل للجميع، وغياب البروتوكولات والتعقيدات الإداريّة الرسميّة. 

شهدت المبادرات مشاركةً واسعةً من مختلف الفئات، مثل المتطوّعين، والخرّيجين، والنشطاء، والأهالي، والمتقاعدين من المعلّمين. وقدّمت مسارًا للتعافي وبناء الصمود، وأنشطةً للدعم النفسيّ والاجتماعيّ لتخفيف الإجهاد، ووفّرت فضاءً لعرض مواهب الطلّاب وإبداعاتهم. كما شكّلت مساحةً لحشد الجهود المجتمعيّة والمؤسّسيّة، لدعم هذه المبادرات وضمان استدامتها بالاستفادة من الموارد المتاحة.  

عقباتٌ وتحدّياتٌ في طريق المبادرات التعليميّة 

يُجمع الكلّ على أنّ المبادرات التعليميّة كانت الشمعة التي أضاءت وسط ظلام الحرب وآلامها. لم يكن طريق المعلّمين والمعلّمات المبادرين مفروشًا بالورود، بل كانت العمليّة التعليميّة، وما تزال، محفوفةً بالمشقّة والخطر. وقد كشف الميدان عن الكثير من العراقيل التي واجهت المبادرين، مثل الظروف الأمنيّة الخطيرة، المتمثّلة بالقصف العشوائيّ للخيام التعليميّة ومحيطها، وحالات النزوح المتكرّر التي تشتّت الأطفال والمعلّمين، وتؤدّي في كثير من الأحيان إلى تعطيل المبادرات؛ وعدم توفّر الاحتياجات الأساسيّة والقرطاسيّة في الأسواق نتيجة الإغلاق الشامل للمعابر؛ وضعف التجهيزات؛ وعدم تلقّي المبادرين مكافآتٍ ماليّةً نظير جهودهم؛ وعدم قدرة الطلبة وأهاليهم على سدّ احتياجاتهم الأساسيّة. 

مستقبل المبادرات التعليميّة 

فرضت الحرب على غزّة واقعًا جديدًا وصعبًا طال المنظومة التعليميّة بأكملها، وتسبّب في تدمير البنية التحتيّة للتعليم، ما أدّى إلى حرمان الطلبة من تعليمهم لأكثر من سنة.  

في الآونة الأخيرة، توسّعت جهود استعادة العمليّة التعليميّة من خلال وزارة التربية والتعليم، بالتنسيق مع مجموعةٍ من المؤسّسات الدوليّة المعنيّة بالتعليم، مثل اليونيسف، والتي تمتلك قدراتٍ لوجستيّةً وتنسيقيّةً مهمّةً، ولا سيّما في التنسيق مع الجانب الإسرائيليّ، لضمان استمراريّة العمل في المجالات الإنسانيّة التي يعدّ التعليم من أبرزها. كما أسهمت المؤسّسات المحلّيّة، مثل جمعيّات المجتمع المدنيّ والمراكز المجتمعيّة، في توجيه مواردها لدعم التعليم استجابةً لحالة الطوارئ، مع توفير المساحات التعليميّة الضروريّة. وفي سياق هذه الجهود، عملت وزارة التربية والتعليم على توفير المعلّمين لهذه المبادرات، بينما تكفّلت اليونيسيف بدفع أجورهم، وتوفير الاحتياجات اللازمة للمساحات التعليميّة. 

بالنظر إلى تقييم حالة الاستجابة، تظهر المؤشّرات وجود 405 مساحاتٍ تعليميّةٍ مسجّلةٍ رسميًّا لدى مجموعة التعليم وقت الطوارئ (Education Cluster)، يلتحق بها 104,156 طالبًا وطالبة. يعني هذا أنّ الطريق لا يزال طويلًا لضمان التحاق جميع الطلبة في سنّ المدرسة، والذين يبلغ عددهم 700 ألف طالبٍ حسب وزارة التربية والتعليم. كما يشير هذا إلى تواضع حالة الاستجابة إلى الظروف الاستثنائيّة، وإلى أنّه وعلى رغم الجهود التي تقدّمها المبادرات، إلّا أنّها لم تصل إلى الجميع، وسيظلّ عددٌ كبيرٌ من الطلبة خارج العمليّة التعليميّة، ما لم يسارع المستوى الرسميّ، بالتعاون مع الشركاء، إلى إيجاد مسارات تعلّمٍ تضمن التحاق الجميع بالتعليم. 

يمكن لوزارة التربية والتعليم استثمار هذه الجهود للوصول إلى جميع الطلبة، والبناء على الإنجازات التي حقّقتها المبادرات التعليميّة في الميدان، بتبنّيها ودعمها باعتبارها تعليمًا مجتمعيًّا، يأخذ الطابع الشعبيّ، ويلتزم بتوجّهات المستوى الرسميّ.  

***  

يتطلّب التعامل مع حالة الطوارئ التي أوجدها العدوان الإسرائيليّ، التفكير في بدائل عمليّةٍ يمكنها تعويض الطلبة عن انقطاع التعليم المدرسيّ، وتدمير البنية التحتيّة. يقع هذا العبء على عاتق صنّاع القرار الذين يتوجّب عليهم رسم الخطط، واتّخاذ التدابير الكفيلة بضمان استمرار العمليّة التعليميّة، مثل تبنّي المبادرات التعليمّية القائمة في الميدان، ودعم التعليم الشعبيّ والمدارس المجتمعيّة، واستثمار الخيام ومقرّات المؤسّسات، لتقديم التعليم، ولو بالحدود الدنيا. 

المراجع

-التقرير الأسبوعيّ لانتهاكات الاحتلال بحقّ التعليم، 2024/12/10 – 2023/10/7. (2024). وزارة الصحّة الفلسطينيّة. متاح على www.moh.pna.ps. 

المصدر منهجيات

تكتيكات وطرائق لإدماج الطلّاب المكفوفين وذوي الإعاقة البصريّة في الصفوف العاديّة

يتطلّب نجاح الدمج المحدود أو الإدماج (الدمج العامّ الشامل) معرفة المربّين أهمَّ الطرائق الممكن اعتمادها للتعامل السليم مع الطلّاب ذوي الإعاقتين البصريّة والسمعيّة في حال حضورهم في الصفوف العاديّة. ولعلّ أحد أهمّ الشروط لنجاح أيّ طالب ذي إعاقة حسّيّة مدمج هو حسن التعامل معه من دون التركيز على نقاط ضعفه أو قوّته من دون غيرها. فهو يستحقّ اهتمامًا معيّنًا لا يتعدّى مستوى إشعاره بأنّه فرد كامل المواصفات في مجموعة رفاقه في الصفّ أو الفصل الدراسيّ. 

هنا تكمن خطورة فهم الطرائق والتكتيكات المدرجة، والسعي إلى اعتمادها من دون مبالغة في تطبيقها، ومن دون إغفال التنبّه إلى خصوصيّة وضع أيّ طالب ذي إعاقة بصريّة مدمج داخل الفصل الدراسيّ. قد يرسم هذا الكلام الكثير من علامات الاستفهام لدى المربّين، لكنّ فهم الأساليب المقترحة، والتنبّه إلى تطبيقها وفق الشروط الأساسيّة، يساعد على خوض المربّين تجربة الدمج بنجاح، حتّى ولو كان المربّي يستقبل طالبًا مكفوفًا أو معاقًا بصريًّا واحدًا، أو أكثر، للمرّة الأولى في صفّه. والطرائق المنصوح باتّباعها، بل المفترض استخدامها، هي خلاصة تجارب أجيال من المربّين والمحاضرين والمدرّسين المتجوّلين ومدرّسي الظلّ. كما يجد القارئ في هذه الطرائق، عند التمعّن في كلّ منها، تلميحات وإشارات إلى الكثير من الأمور التي أثارها العَرْض التاريخيّ والطرح الخاصّ بتأهيل البيئة المدرسيّة والصفّيّة. 

من الواجب، تضمين توصيف المقرّر بيانًا عن مسائل التكييف والاستيعاب بالنسبة إلى الطلّاب ذوي الإعاقة البصريّة تحديدًا. وفي اليوم الأوّل للدروس، ولا سيّما في المرحلة الثانويّة ثمّ الجامعيّة، لا بدّ من تنبيه الطلّاب إلى أن يحدّدوا إعاقتهم ووضعهم بأنفسهم، وذلك من خلال إعلان مدرّس كلّ مادّة (أو كلّ أستاذ محاضر) مثلًا: “الرجاء الاتّصال بي لمناقشة التكييف بخصوص الإعاقة”. 

ومن الضروريّ أيضًا تهيئة الموادّ الدراسيّة (إعداد كتب بخطّ برايل أو أخرى مسجّلة للطلّاب ذوي الإعاقة البصريّة على اختلاف مستوياتهم التعلّميّة) قبل وقت غير قصير من اليوم الأوّل من الدروس، وذلك حتّى يشعر الطالب أو الطلّاب بالاطمئنان، ولا يساورهم أيّ قلق إذا أرادوا تحضير الدروس أو كتابة الواجبات أو القيام بعمليّة بحث ضمن المهامّ المدرسيّة العاديّة أو حتّى الاستثنائيّة. 

في الحصص الدراسيّة، يجب أن تكون التعليمات موجزة وغير معقّدة قدر المستطاع. وفي حال تكرار التعليمات، يجدر بالمربّي أن يعيد بالضبط ما قاله من دون أن يلجأ إلى إعادة صياغة الكلام وشرحه. وأيّ تعديل في برنامج الصفّ أو المقرّر المعتمد ومتطلّباته يجب الإعلان عنه سلفًا لجهة مواعيد الامتحانات وتسليم المهامّ الأدائيّة المطلوبة. ولا يصحّ الامتناع عن تقديم معلومات المحاضرة في صيغة بصريّة، وذلك شريطة توفير نسخة برايل أو ميسورة القراءة بالنسبة إلى الطلّاب ذوي الإعاقة البصريّة. والمنصوح للمدرّس اعتماد أكثر من طريقة لعَرْض المعلومات أو شرحها. 

عند إعطاء الدروس، يجدر بالمربّي ذكر الأهداف ومراجعة الدروس السابقة وتلخيص العروض مرّة كلّ أسبوع أو أسبوعين. 

ومن المفيد أيضًا تزويد الطلّاب ذوي الإعاقة البصريّة (ومن ضمنهم المكفوفون) بالموادّ في أشكال بديلة في الوقت الذي تقدَّم الموادّ عينها إلى الطلّاب الآخرين في الصفّ. على الطالب ذي الإعاقة البصريّة أن يحدّد بنفسه الشكل المفضّل عنده للدراسة (نسخة بخطّ برايل حتّى لشخص يعدّ مبصرًا جزئيًّا، أو نسخة ذات حروف طباعيّة كبيرة مثلًا). 

يفترض بالمعنيّين (الهيئات التدريسيّة وإدارات المدارس بالتعاون مع الأهالي أحيانًا) العمل على توفير الموادّ التدريسيّة في الصفّ أو المقرّر الافتراضيّ في شكل نصوص. ومن المفيد والواجب إيجاد توصيفات نَصِّيّة للمادّة الصوريّة بطبيعتها. وعلى المربّي أن يعيد بصوت عالٍ كلّ ما يُكتَب على اللوح أو من خلال عروض الشرائح الضوئيّة أو المصوّرة، مع توفير نصوص مكتوبة بصيغة ورد أو حتّى بخطّ برايل. كما ينتظَر من إدارات المدارس والجامعات أن تشدّد في توجيهاتها على وجوب السماح للطلّاب ذوي الإعاقة البصريّة بتسجيل المحاضرات في الصفّ. ولا يجوز حسبان الكلام عن الترتيبات المعتمَدة في الجامعات والثانويّات غريبًا وغير مناسب.  

في الوقت نفسه، يجدر بالمربّي أن يشجّع على التعاطي الإيجابيّ بين الطلّاب غير ذوي الإعاقة والطلّاب ذوي الإعاقة، ممّا يوجد أجواء مناسبة للتعاون الفعّال والمثمر بينهم. في هذا السياق، يُنصَح للمربّي بحمل الطلّاب المختلفين على التشارك في فرق العمل الصفّيّ المختلفة بطريقة تجعل الطالب ذا الإعاقة أو الطلّاب ذوي الإعاقة يبدّلون فرقهم. 

ومن المهمّ حفظ مقعد أو حجزه في الصفّ الأماميّ للطالب ذي الإعاقة البصريّة. وفي جميع الحالات تمسّ الحاجة كثيرًا ببعض الطلّاب ذوي الإعاقة البصريّة إلى التزوّد بالموادّ التعليميّة والامتحانات على ورق ملوّن للتخفيف من حدّة اللَّمعان. وينبغي أن يكون المربّون على دراية ووعي بتأثير الإضاءة وانعكاساتها عند الكتابة على اللوح الأبيض. 

بالنسبة إلى كتابة المهامّ الصفّيّة والخضوع للامتحانات (على اختلافها من طارئة سريعة، وعاديّة منتظمة فصليّة، ونصف فصليّة أو سنويّة، وختاميّة)، يجب تقديم المساعدة في مراجعة الأعمال الكتابيّة أو التحريريّة وفي تنقيحها. ولا بدّ من اعتماد التعديلات الضروريّة على أوراق المسابقات (وهي تقدّم مكتوبة بخطّ برايل، أو معروضة بإخراج معدّل، أو مكتوبة بحروف طباعيّة كبيرة). 

في الامتحانات على أنواعها، ولا سيّما في المرحلة الثانويّة وسنوات الجامعة، قد يحتاج الطالب المكفوف أو ذو الإعاقة البصريّة (الذي لا تساعده قوّة إبصاره على القراءة والكتابة بالخطّ العاديّ) إلى قارئ يقرأ له الأسئلة إذا لم توفَّر له بصيغة معدّلة. ولعلّه يتطلّب أيضًا مساعدة كاتب يُدَوِّن له أجوبته؛ والقارئ والكاتب قد يكونان شخصًا واحدًا، أو ربّما احتاج فقط إلى قارئ، وذلك حتّى يكتب هو بنفسه إجاباته على الآلة الكاتبة أو الكمبيوتر.  

عندما يساورك- وأنت المربّي الخاصّ أو مدرّس الصفّ أو المادّة في الصفوف الأساسيّة والمتوسّطة والثانويّة، أو أستاذ الجامعة بصورة خاصّة- الشكّ في طريقة تقديم المساعدة بالشكل الصحيح إلى الطالب المكفوف أو ذي الإعاقة البصريّة ولا سيّما الثانويّ والجامعيّ، عليك أن تسأله بأقصى درجة ممكنة من الخصوصيّة والسرّيّة عن وضعه وحاجته، وذلك من دون لفت الانتباه إلى الطالب أو إلى الإعاقة.  

الخوري، جورج. (2023). التعليم الدامج لذوي الإعاقتين: البصريّة والسمعيّة. إصدارات ترشيد التربويّة. ص307-315. 

المصدر منهجيات

جامعة الدول العربيّة تحتفي باليوم العربيّ لمحو الأُميّة

يحتفي العالم العربي في الثامن من يناير من كل عام باليوم العربي لمحو الأمية، والذي يأتي فرصة للتذكير بهذا التحدي الذي يعيق الجهود العربية نحو التقدم والتنمية، ويسلط الضوء على أهمية توحيد الجهود العربية بهدف القضاء على الأمية والدعوة الى بذل المزيد من العمل الدؤوب وتضافر كافة الجهود الوطنية والاقليمية والدولية وابتكار اساليب غير تقليدية قادرة على المواجهة الشاملة للأمية.

وبهذه المناسبة تنظم الأمانة العامة لجامعة الدول العربية فعالية تحت شعار “مستقبل تعليم وتعلم الكبار في مصر والعالم العربي”، يوم 14/1/2025 بمقر الأمانة العامة، بالتنسيق والتعاون مع الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار بجمهورية مصر العربية بصفتها الدولة صاحبة مبادرة اطلاق العقد العربي لمحو الأمية، والذي اعتمدته القمة العربية خلال الدورة 25 التي انعقدت في الكويت عام 2014، وذلك بإعلان العقد الحالي عقداً للقضاء على الأمية في جميع انحاء الوطن العربي، واعتماد برنامج عمل يهدف للتخلص من هذه الظاهرة خلال عشر سنوات ( 2015 – 2024 ) ، وعقدت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالتعاون مع شركاءها من الدول العربية والمنظمات الاقليمية والدولية وكذلك منظمات المجتمع المدني، تسعه اجتماعات خلال تسع سنوات بهدف التغلب على أحد أهم التحديات التي تواجه الدول العربية وهو القضاء على الأمية ولا يمثل التحدي العمل على محو الأمية الابجدية والإلمام بمبادئ القراءة والكتابة فقط، ولكن يتضمن هذا التحدي العمل على محو الأمية الرقمية والثقافية وصولا إلى مجتمع المعرفة والتجارب المميزة لعموم الفائدة والاسترشاد بها لتوثيق التجارب الناجحة، ولمتابعة تحقيق أهداف العقد العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار 2015 – 2024، والأمانة العامة بصدد إعداد قرار لإطلاق العقد العربي الثاني 2025- 2030 حتى يتماشى مع خطط التنمية المستدامة.

وجدير بالذكر أن الفاعلية تتضمن عقد جلسات حوارية بمشاركة أساتذة الجامعات والخبراء المتخصصين في مجال تعليم الكبار حول شعار الاحتفالية “مستقبل تعليم وتعلم الكبار في مصر والعالم العربي”، وأن محو الأمية لا يجب ان يقتصر على الأمية الابجدية فقط ولكن يجب ان يهتم كذلك بمحو الأمية الرقمية.

وترى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية أن مستقبل تعليم الكبار في الوطن العربي يشهد تطوراً ملحوظاً بفضل التغيرات التكنولوجية والاجتماعية المتسارعة، وفي ظل التطور التكنولوجي أصبحت الوسائل الرقمية والتعلم الالكتروني أحد الركائز الأساسية لتعليم الكبار حيث تمكنهم من الوصول الي المعرفة والمهارات بسهولة مما يساهم في تقليل الفجوة التعليمية بين الأجيال، حيث أن توجهات المستقبل تشير الي ان التعليم المستمر سيصبح جزءاً اساسياً في حياة الافراد سواء من خلال البرامج التدريبية المهنية او الدورات الجامعية التي تتيح فرص لتحسين المهارات وتعزيز القدرة على التكيف مع متطلبات سوق العمل المتغيرة.

وتجدد الامانة العامة لجامعة الدول العربية دعوتها الى كافة الدول العربية والمنظمات الاقليمية والدولية للتعاون المشترك لتعزيز الجهود الرامية لمكافحة ظاهرة الأمية في الوطن العربي والتي تعد العائق الاكبر امام تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.

المصدر (جامعة الدول العربيّة).

المجتمع الدولي: آن الأوان للتحدث عن الفظائع التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين

في مقال افتتاحي نشر حديثاً في مجلة “The New Humanitarian“، يُذكر أن وكالات الإغاثة ومنظمات التنمية في الشمال العالمي تخشى التحدث علنًا عن جرائم الحرب في غزة، مما يجعلها، في النهاية، متواطئة في هذه الجرائم.

اقرأ الافتتاحية.

لقراءة المقال.

[مقال] بنجرير تتألق بجائزة مدينة التعلم لعام 2024

حازت مدينة بن جرير في المغرب على جائزة اليونسكو لمدينة التعلم لعام 2024، وذلك تقديراً لنهجها المبتكر في تعزيز التعلم مدى الحياة. تميّزت المدينة بإتاحة فرص تعليمية شاملة للمتعلمين خارج المدرسة وللأطفال ذوي الإعاقة.

تُعد “مدرسة الفرصة الثانية” نموذجاً رائداً في تحقيق الإنصاف والإدماج، حيث تهدف إلى دعم الشباب المهمشين وإعادتهم إلى النظام التعليمي. كما تحتضن المدينة مركزاً متخصصاً للأطفال غير الناطقين، يُعنى بتطبيق نموذج التعليم الشامل. وقد أثمر هذا النموذج عن دمج 100% من الأطفال غير الناطقين في المدارس الحكومية، حيث يتعلمون جنباً إلى جنب مع أقرانهم.

اقرأ القصة.

اقرأ المزيد عن الفائزين الآخرين بالجائزة.

(ورقة بحثية) التعليم الجامع: نهج نحو تعليم شامل ومستدام

إعداد: الدكتورة رائدة قَربصة
باحثة تربوية وأكاديمية وأستاذة غير متفرغة في جامعة بيرزيت

الملخص
تهدف هذه الدراسة إلى تحليل فعالية استراتيجيات التعليم الجامع في تحسين الأداء الأكاديمي والاجتماعي للطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى تحديد التحديات التي تواجه تطبيق هذه الاستراتيجيات وتقديم حلول عملية لتطويرها. من خلال مراجعة الأدبيات السابقة وإجراء مقابلات مع معلمين في مدارس تطبق التعليم الجامع في مدينة رام الله، تم تحليل تجارب الطلاب الذين يعانون من صعوبات تعلم. ستعرض الدراسة توصيات تهدف إلى تحسين السياسات التعليمية وتعزيز التدريب والتأهيل للمعلمين، مع تسليط الضوء على أهمية زيادة الوعي المجتمعي بفوائد التعليم الجامع لتحقيق بيئة تعليمية شاملة ومستدامة.

الكلمات المفتاحية: التعليم الجامع، الأداء الأكاديمي، الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة، التحديات، استراتيجيات التعليم، رام الله، التدريب والتأهيل، السياسات التعليمية، الوعي المجتمعي.

[ندوة افتراضية] المعلمون في غزة: الدفاع عن حق التعليم

التاريخ: 16 أكتوبر 2024
الوقت: 15:00-16:30 بتوقيت المملكة المتحدة
المكان: إفتراضياً
للتسجيل للندوة الافتراضية

ستركز هذه الندوة، التي تنظمها منظمة العفو الدولية، على الدمار الذي لحق بنظام التعليم في غزة وتأثيره على حقوق الإنسان بسبب حرب الإبادة التي تشنها اسرائيل على مدار أكثر من عام على قطاع غزة، ولا سيما على المعلمين الذين يقفون في الخطوط الأمامية لهذه الأزمة. فقد تعرض العديد من المعلمين للقتل والإصابة والتهجير والصدمات النفسية بسبب الحرب. وعلى الرغم من الصراع، يبقى التعليم حق أساسي من حقوق الإنسان ويجب على جميع الأطراف احترام القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان وحماية المؤسسات التعليمية والمعلمين والطلاب.

ستضم الفعالية متحدثين لمشاركة تجارب المعلمين والمعلومات الفلسطينيين. كما سيتم عرض بحث جديد حول الدمار الذي لحق بالتعليم في غزة، أجراه مجموعة من الأكاديميين من جامعة كامبريدج بالتعاون مع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

وسيتم توفير الترجمة الفورية للندوة باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية. وتستهدف الندوة موظفي منظمة العفو الدولية والمعلمين والناشطين وعامة الناس.

للتسجيل للندوة الافتراضية

[مدونة] مقابلة صندوق “التعليم لا ينتظر” مع ممثل اليونيسف في مصر جيريمي هوبيكنز

نشر الصندوق العالمي للتعليم في حالات الطوارئ والأزمات الممتدة التابع للأمم المتحدة “التعليم لا ينتظر” مقابلة مع جيريمي هوبيكنز، ممثل اليونيسف في مصر. تناولت المقابلة جهود تعليم الأطفال السودانيين الذين فروا إلى مصر مع عائلاتهم. تحدث هوبيكنز عن تعاون اليونيسف الوثيق مع الحكومة المصرية لإدماج اللاجئين والمهاجرين في نظام التعليم العام الرسمي، بالإضافة إلى تنفيذ برنامج شامل للإدماج يستهدف الأطفال اللاجئين، والمهاجرين، والفتيات في المناطق الريفية، والأطفال المعرضين لخطر التسرب، والأطفال ذوي الإعاقة.

المدونة متوفرة باللغة الانجليزية هنا

التعلم الشامل المنزلي

هل تتذكرون الملصق والكتيبات و كتيب التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة التي أصدرتها شبكة تمكين التعليم والجمعية النرويجية لذوي الإعاقة في عام 2020؟ هذه المصادر لا تزال ذات فائدة كبيرة اليوم كما كانت خلال فترة الجائحة. في جميع أنحاء العالم، هناك العديد من الأطفال الذين لا يستطيعون الذهاب إلى المدرسة.

تقدم هذه المصادر أنشطة تعليمية بسيطة تعتمد على اللعب، يمكن للآباء والأسر والأشقاء استخدامها في المنزل لمساعدة الأطفال، سواء كانوا من ذوي الإعاقة أو بدونها، على بدء التعلم والاستمرار فيه، حتى في حال تعذر الحضور إلى المدرسة. ترقبوا قريباً تعديلات جديدة على هذه المصادر!