الدكتور بشير أبو حمّور
كَثيرة هي الأسئلة التي تطرح يومياً من قبل الوالدين والمجتمع لمعرفة المزيد عن صعوبات التَّعلم أو الإعاقة الخفية. اذ أن الشكل الخارجي للطلبة ذوي صعوبات التَّعلم لا يدل على وجود إعاقة، فصعوبات التَّعلم ترتبط بمشاكل معرفية وتحصيلية داخلية ولهذا غالباً ما تسمى بالإعاقة الخفية. ومن الأمثلة على هذه الأسئلة: هل يوجد فحص طبي لتشخيص صعوبات التَّعلم؟ ما علاقة صعوبات التَّعلم بمشكلات الانتباه والنشاط الزائد؟ هل المشاكل البصرية والسمعية هي سبب الصعوبات التي يعاني منها ابني؟ وهل يوجد علاج طبّي لصعوبات التَّعلم؟ هناك الع?يد من المعلومات الخاطئة التي تنتشر حول صعوبات التَّعلم، ولهذا وجب علينا أنْ ننشر أهمّ الحقائق التي يجب أنْ يعرفها الوالدين والمجتمع لمساعدة الأطفال الذين يعانون من هذه المشكلات.
1- لا يوجد فحص طبّي لتشخيص صعوبات التّعلم. بدأ الباحثون مؤخراً في استكشاف العوامل الجينيّة المؤدية لصعوبات التعلم، ولكن لا يوجد فحص دمٍ أو مسحٍ دماغيّ يمكن من خلاله تقديم تشخيص دقيق لصعوبات التَّعلم لدى ابنك؛ فإنَّ التعرف على صعوبات التَّعلم هي عملية مُعقدة ويجب أنْ تبدأ بفحص طبّي يتمُّ من خلاله استبعاد أيَّة قضايا مرتبطة بالنّظر أو السّمع أو التّطور النمائي والتي تؤدي إلى ظهور المشكلات التعلميّة. بعدها سيتم العمل مع طفلك ومعلميه والمدرسة لملاحظة المعلومات وجمعها حول المستوى التعلمي لطفلك. أخيراً يقوم أخص?ئي القياس النَّفسي بتطبيق اختبارات والحصول على معلومات مرتبطة ارتباطا وثيقا بالطريقة التي يُعالِج فيها طفلك المعلومات، ثُمَّ يُقدِّم ما يُسمّى بالتقرير النّفسي التّربوي الذي يجب أن يحتوي على التشخيص الدقيق لحالة طفلك والتطبيقات الأكاديمية التي يجب مراعاتها.
2- متلازمة نقص الانتباه والنّشاط الزّائد ليست بصعوبات تعلم ولكنّها تتداخل مع حالات صعوبات التَّعلم. يُقدِّر الخبراء بأنَّ ثُلث إلى نِصف الأفراد ذوي صعوبات التَّعلم لديهم أيضاً مشكلات مرتبطة بمتلازمة نقص الانتباه والنشاط الزائد.
3- القضايا المرتبطة بالرؤية، أو السّمع، أو المهارات الحركية، هي ليست بصعوبات تعلّم. ومع هذا يجب أن لا يُفهم أنَّ هذه القضايا لا تؤثِّر على التعلم أو أنّ الأطفال ذوي صعوبات التَّعلم لا يعانون من بعض المشكلات المصاحبة والمرتبطة بهذه القضايا. قد يبدو هذا مربكاً نوعا ما، ولكن المفتاح لفَهم حالة طفلك هو التعاون بين الطبيب وأخصائي القياس النّفسي لتصنيف الأسباب الرئيسية للمشكلات التعليمية . في بعض الحالات قد تكون المشاكل السمعيّة أو البصريّة هي السبب في مشكلات التعلم، وفي حالاتٍ أخرى فالسبب هو صعوبات التَّعلم.
4- الدواء لا يُشفي من متلازمة نقص الانتباه والنشاط الزائد. فقد يكون الدواء مفيداً للعديد من الأطفال الذين يعانون من متلازمة نقص الانتباه والنَّشاط الزّائد ولكنَّه ليس علاجاً. إنَّ الدواء المترافق مع الطُّرق العلاجيّة الأخرى هو الاستراتيجية الأفضل في التعامل مع المتلازمة. وإنَّ التدريس الخاصّ والتدريب والإرشاد يُساعد الأطفالَ على تعلم مهاراتٌ عمليّة مثل: تنظيم الواجبات المنزليّة وزيادة التّركيز والانتباه.
5- لا يوجد علاج طبّي لصعوبات التعلم. ومع هذا يوجد أساليب أخرى لمساعدة الأطفال ذوي صعوبات التعلم مثل: التّدخُّل التدريسي العلاجيّ، والتكنولوجيا المساعِدة، والتعديلات والتكييفات الأكاديمية. كُن حذراً إذا سمعت عن علاج طبي لشفاء صعوبات التعلم؛ لأنّ هناك الكثير من الإشاعات غير المستنِدة إلى البحث العلمي. ومع هذا يجب مراعاة أنَّ بعض الأطفال ذوي صعوبات التّعلم قد يستفيدون من الدَّواء للتخفيف من الأعراض المصاحبة لمتلازمة نقص الانتباه والنشاط الزائد.
6- تنتشر صعوبات الَّتعلم ومتلازمة نقص الانتباه والنّشاط الزائد في أُسَر مُعيّنة. فعلى سبيل المثال: الطفل الذي يُعاني من متلازمة نقص الانتباه والنّشاط الزائد يوجد احتمال يصل إلى 25% بأنَّ لديه أخٌ أو أحد الوالدين يعاني من نفس المتلازمة، والعديد من الطلبة الذين يعانون من عُسر القراءة (الديسلكسيا) لديهم أخوة أو والدان يعانون من نفس المشكلة.
7- صعوبات التعلم ليست إعاقة عقلية. الحقيقة هي أنَّ مُعظم الأطفال ذوي صعوبات التَّعلم لديهم ذكاء طبيعي أو ما فوق الطبيعي، وقد يكونون موهوبيين في بعضِ الحالات. مثال: بطل السباحة “مايكل فيلبس” والذي حقق رقماً قياسياً بحصولة على 18 ميدالية ذهبية في الألعاب الأولمبية، والصحفي المعروف وشخصية ال CNNالتلفزيونية “أندرسون كوبر”، ورجل الأعمال والملياردير المعروف “ريتشارد برانسون”.
8- عددُ الذُّكور الذين يتمُّ تشخيصهم بصعوبات التّعلم يفوق عدد الإناث. على الرَّغم من أنَّ عدد الذكور غالباً ما يتقارب مع عدد الإناث في المدارس (تقريباً النصف ذكور والنِّصف الأخر إناث) ، إلا أنَّ ثُلثي عدد الطلبة الذين يحصلون على خَدَمات التربية الخاصّة من ذوي صعوبات التّعلم هم ذكور، والسبب في ذلك غير واضح ولكنَّ هذه الظاهرة ملاحَظة في جميع الفئات العِرقية والإثنية.
9- صعوبات التعلم غيُر ناتجة عن البيئة التي يعيش فيها الطِّفل. ولكن يجب الانتباه إلى أنَّ البيئة تساهم في تحسن أو تدهور حالة الطفل ذو صعوبات التَّعلم بناءً على ما يتمُّ تقديمه من دعم أو إهمال. وفي النهاية هذه الحقائق هي ليست فقط شيء مهم لمعرفته ولكنَّها أمورٌ يجبُ مراعاتها عند تقديم الخدمات لطفلك. كما أنَّنا نعلم أنَّه من الصعب على الوالدين التَّعامل مع حقيقة أنَّ ابنهم يعاني من صعوبات التَّعلم، ولكن يجب التأكيد على أنَّ المعرفة قُوَّة. كلما زادت معرفتك حول القضايا المرتبطة بصعوبات التَّعلم، كلما زادت مقد?تك على دعم ومساعدة طفلك.
خبير تربوي
dr.abuhamourwj@gmail.com