غلادس هاوس هي منظمة غير ربحية تدعم الشباب المرتبطة حياتهم بالشوارع في “مومباسا ، كينيا”.

في هذه المقابلة، يخبرنا “كلفن موغوانجا”، كبير العاملين الاجتماعيين، كيف قاموا بتكييف برنامجهم التعليمي في سبيل تلبية الاحتياجات المتطورة للشباب أثناء الجائحة.

-حدِثنا عن برامج “غلاد هاوس” التعليمية.

“عادةً، نحنُ نقوم بإدارةِ برنامجين تعليميين رئيسيين: ألا وهما، “المدرسة المتنقلة” التي تجوبُ الشوارع حيث يوجد الشبابُ المستهدف، وبرنامج “باباسا-Papasa “ الذي يتم تنفيذه في منشآتنا المبنية على نحوٍ خاص في ماغونغو.

إنَّ مدرستنا المتنقلة هي عبارة عن صندوقٍ كبير ذو عجلاتٍ، نجوبُ بهِ أماكن مختلفةً في الشوارع. يحتوي هذا الصندوق على موادٍ تعليمية وألعابٍ مختلفة تهدِف بدورها إلى تعزيز وإعادة بناءِ تقدير الطلابِ لذواتهم. ولمعرفة المزيد حول هذا الموضوع يمكنك الاطلاع على مقالتنا في رقم  5.1 من مجلة تمكين التعليم. 

 إنَّ برنامج المدرسة المتنقلة يوفر المساندة والدعم للناسِ المرتبطةِ حياتهم كُلياً بالشارع، حيثُ يمكنهم الحصولِ على حقهم في اللعب أثناء مرحلة التعلُم. كما أننا نسعى أيضاً إلى إنشاءِ رابطٍ متوافقٍ بين المعلمين والطلاب كلما أُتيحت لنا الفرصة، للتركيز على مستوىً معينٍ من مستوياتِ قدراتهم الأكاديمية.

ينطلق برنامج “باباسا” في مركز الرعاية الخاص بنا في ماغونغو، شمال جزيرة مومباسا، لذا يتعين على الشباب القيام بالرحلة من وسط المدينة. في ماغونغو، يتم تقديم خدمات مختلفة، مثل التعليم غير الرسمي لتعزيز مستويات القراءة والكتابة والحساب، والتعلم السريع لأولئك المسجلين كمرشحين خاصين للامتحانات الوطنية لشهادة التعليم الابتدائي في كينيا، وأيضاً خدمات الاستشارة الجماعية، وفصول دراسية خاصة بالمهارات الحياتية، بالإضافة إلى تكوين روابط متوافقة بين الطلاب والمعلمين في هذا البرنامج.”

-ما هي التحديات الرئيسية التي واجهت عملك مع الأطفال، والتي واجهت الأطفال أنفسهم أثناء الجائحة؟

“في بداية الجائحة، عندما شكّلَ التقاط عدوى فيروس كوڤيد-١٩خطراً على موظفينا، كان لزاماً علينا الحد من نزولِنا للشوارع. كما أنّ القيود الحكومية المسيطرة على التنقل حدّت أيضًا من نطاق عملنا. ثمّ من خلال العمل عن كثب مع حكومة المقاطعة، كان علينا الامتثال للتوجيهات التي فرضتها وزارة الصحة، فترأسنا فريق عمل للتأكد من أنه يمكننا الحفاظ على اتصالنا مع الشباب المُرتبطين حياتياً بالشارع لتوفير الدعم الذي تمسّ الحاجة إليه في ذلك الوقت. 

دعم طفل الشارع أثناء الجائحة

أعدنا تركيز برامجنا التعليمية لترسيخ الوعي حول خطورة “كوفيد-19”، وتسليط الضوء على الرسائل المهمة بهذا الخصوص. كما أننا أردنا التأكد من أن الأطفال_قدر الإمكان_ سيكونون بأمان في جميع الأوقات، ولذا فقد كانوا بحاجةٍ إلى إدراكِ مدى قوةِ تأثير هذا الفيروس، وأيضاً معرفة أنه لم يتم نسيانهم البتّة. علاوةً على ذلك، وجهنا تركيزنا صوبَ مصالح الشباب الذين كانوا قلقين بشأن مصدر وجباتهم التالية وذلك بسبب إغلاق الأسواق و الأعمال التجارية الصغيرة، واستغناء الباعة الآخرين عن عملهم في الشوارع، تلك المصادر التي كان يعتمدُ عليها هؤلاء الشباب للبقاء على قيد الحياة.

ضع في الحسبانِ أنه كان هنالك ارتفاع في عدد الأطفال في الشوارع بصحبة أخاهم الأكبر، أو والديهم، أو حتى الوصي عليهم، ووجدنا أن العمل معهم كعائلة كان أمرًا شاقاً للغاية بسبب تضارب مصالحهم. فقد كان الأطفال، على سبيل المثال، مهتمين بأنشطة تعليم الشوارع لدينا، بينما أراد أحد الوالدين أن يحقق الطفل أهداف التسول اليومية، مما أدى إلى مواجهة الأطفال صعوبة في تقرير ما إذا كانوا سيتبعون رغباتهم، أو فقط سيلتزمون بأوامر والديهم، خاصةً إذا كانوا يخشون التعرض للعقاب.”

-ما هي أولوياتك في عملك مع الأطفال؟

“سلامتهم كانت على رأس أولوياتنا. قمنا بتوزيع الأقنعة على جميع الأطفال والشباب والكبار المرتبطين بالشوارع. قمنا أيضًا بتدشين نقاط لغسل وتعقيم اليدين، ومرافق صحية يمكن الوصول إليها بسهولة. ومع تفاقم الوضع، عملنا بشكل وثيق مع وزارة الشباب، والرياضة، والشؤون الجنسانية في حكومة مقاطعة مومباسا لتوفير مياه الشرب الآمنة، والإغاثات الغذائية لجميع الأطفال والأسر التي في الشوارع.”

-كيف قمت بتكييف توفير التعليم أثناء الجائحة؟

“قمنا بتطوير كتيبات تحتوي على أنشطة مختلفة للرسم، والكتابة، والتلوين يمكن تقديمها للمتعلمين الفرديين للعمل عليها لبضعة أيام. كانوا يبدأون استخدامها مع معلميّ الشوارع، كما أنه كان بإمكانهم أخذها معهم بعيدًا لمواصلة استعمالها عندما لا نكون في الجوار. لقد تم تصميم هذه الأنشطة لمساعدتنا على فهم مشاعرهم، وعواطفهم، ومخاوفهم بشأن الوباء، وقد قمنا باستخدامها لنكونَ محاطينَ علماً بخطط مداخلاتنا المستقبلية.

أضف إلى ذلك أننا قمنا بالتركيز أكثرعلى أنشطة الرسم، والتلوين، والفنون الإبداعية في سبيل نقل رسائل الصحة والسلامة الرئيسية، وبالغة الأهمية. وهكذا يقوم الشباب أيضاً في غضونِ إبداعهم بطلبِ دعمٍ إضافيٍ من المعلمين والأخصائيين الاجتماعيين القائمين على هذا المشروع.”

-ما هي الدروس التي تعلمتها والتي ستمضي بها قدمًا في عملك المستقبلي؟

“لقد تم تطوير تركيز برامجنا التعليمية على مدى سنوات عديدة مع مجموعة من الشباب الذين هم بالفعل خارج المدرسة، أو الذين “يتعلمون في منازلهم” بالمعنى الدقيق للكلمة، وبالتالي، فقد تم فعلياً إعدادنا لدعم الشباب في عملية الانتقال الصعبة مرة أخرى إلى التعليم، ووضع رفاهيتهم في المقام الأول.

كان معظم أطفال الشوارع قد انسحبوا من التعليم الرسمي في السابق. بالإضافة إلى أنه ثمّة العديد من الأسباب تقف وراء ذلك، إلا أنه أحيانًا تكون تجربتهم في المدرسة هي أساس المشكلة. تشرح ورقتنا البحثية بعضاً من هذه الأسباب. كما أننا نضع بعين الاعتبار أن برنامج الالتحاق بالتعليم غير الرسمي يهدف إلى تسريع التعلّم وتهيئة المُتعلمين لخطواتهم التالية.

إننا نقوم بإجراء تقييمات أكاديمية عند مرحلة القبول الأولي قبل تسجيلهم في مجموعات مختلفة وفقًا لمستوى قدراتهم الأكاديمية. ثم بعد مرور بعض الوقت، فإنّ أولئك المؤهلين للالتحاق بالمدارس العامة، والذين يشعرون بأنهم مستعدون  للإنتقال يتم وضعم في المدرسة. أمّا بالنسبةِ لأولئك الذين يختارون عدم العودة، أو يجدون الانتقال صعبًا للغاية، يتم تيسير أسلوب التسجيل لهم بوضعهم كمرشحين خاصين، ومواصلة سير تعلمهم مع معلمينا في المركز. وقد أدى ذلك إلى خفض أعداد الشباب الذين انسلّوا مرة أخرى مقارنة بالماضي.

يُعد العمر هو التحدي الرئيسي، حيث يجد المتعلمون الأكبر سنًا المسجلين في المدارس العامة صعوبةً في التعامل مع حقيقةِ تواجدهم في فصولٍ يدرسُ بها أطفالٌ يصغرونهم سناً، وغالبًا ما يؤدي ذلك إلى انقطاعهم عن الدراسة. نحن الآن نوفر لهؤلاء المتعلمين التركيز الفردي المباشر لأخذهم خلال العمل وفقًا لقدراتهم الشخصية. يضمن مرفق الفضاء الآمن الجديد الخاص بنا في “ماغونغو”، والذي تم افتتاحه في عام 2020، أن الشباب المرتبطة حياتهم بالشوارع يمكنهم الوصول إلى التعليم بغض النظر عن أعمارهم أو قدراتهم.

كما أنّ المركز يوفر أيضًا مساحة للأطفال والشباب من المجتمع المحلي، الذين تم تسجيلهم كأعضاء لتدريبهم على الملاكمة وكرة اليد. والجدير بالذكر أن تدريب شباب الشوارع سوف يساعدهم على مكافحة وصمة العار التي يواجهونها. أريد أن أضيف أننا نعمل أيضًا على توسيع نطاق الوصول إلى الرياضة والتعليم للشباب من مدرسة قريبة تديرها الحكومة لإعادة تأهيل الأحداث (والتي توفر رعاية سكنية للمجرمين الصغار)، مما يتيح لهم فرصة للتفاعل مع أفراد المجتمع الآخرين بعيداً عن منشأتهم المغلقة و المعزولة.

[1] تمكين إصدار مراجعة التعليم 5: https://bit.ly/EER10-18

[2] انظر: https://bit.ly/EER10-19

كلفن هو أخصائي اجتماعي في Glad’s House.

www.Gladshouse.com