راشيل تويغ / Rachel Twigg

راشيل تويغ

ضيفتنا راشيل هي معلمة في مدرسة ثانوية من مانشستر في المملكة المتحدة تتحدث عن تجربتها الخاصة في التدريس أثناء الجائحة، وعن تواصلها مع خبرات المؤلفين والمؤلفات في هذا الإصدار الجديد من مراجعة تمكين التعليم.

“في حين قام المعلمون والتلاميذ والأسر باستخدام الأدوات الرقمية بشكل جماعي، إلا أن التحول إلى المدرسة الافتراضية قد كشف عن عدم المساواة في الوصول إلى الموارد الرقمية.” منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ١٩ مايو ٢٠٢٠

عندما تم اكتشاف وباء كوفيد-19 للمرة الأولى، كانت مجتمعات التعليم تواجه بالفعل أزمة عالمية: الفشل الجماعي للبلدان في تحقيق هدف التنمية المستدامة الرابع، فضلا عن الأعداد الكبيرة من الشباب المستبعدين من التعليم الابتدائي والثانوي الذي يشمل الجودة.  وقد تفاقمت هذه المشاكل عندما أغلقت المرافق التعليمية لمنع انتشار العدوى.  وقد ترك الاغلاق 1.2 بليون تلميذ وتلميذة في جميع أنحاء العالم دون فرص للتعلم الوجاهي. 

التكيف مع الوضع الطبيعي الجديد

كان على اختصاصي التعليم مثلي أن يطوروا مساحات للتعلم الافتراضي كبدائل للتدريس المباشر في الأماكن التي يمكنهم فيها الوصول إلى التكنولوجيا.  ففي المملكة المتحدة، أصبح تركيزنا على “وسائل الاتصال” الجديدة (التعلم عن بعد من خلال الترويج الافتراضي) هو الوضع الجديد.  لقد قضينا ساعات في التخطيط للاستراتيجيات للعمل جنبا إلى جنب مع التكنولوجيا المتاحة.  في إنجلترا مثلا، لم يتمكن بعض المتعلمين من الوصول إلى الإنترنت أو الأجهزة.  لذلك كنا بحاجة إلى توفير مجموعة من المصادر لدعم التعلم الموجه ذاتيا والمواد الورقية لتمكين التعلم عن بعد من دون اتصال بالإنترنت.

مع مرور الوقت، ومع بدء المدارس في إعادة فتح ابوابها، اختلف الوضع لتحل دروس تقليدية قائمة على الفصول الدراسية التي يقودها المعلم محل واجبات الفصل الدراسي الافتراضية التي طلبنا من الطلاب إكمالها اثناء الاغلاق.   سعت السلطات البريطانية جاهدة من اجل تحقيق الوضع الطبيعي وفي نفس الوقت حافظت على التباعد الاجتماعي ومحاذير السلامة. 

تعريف العائلات بمشروع التعلم المنزلي في الصومال، المشروع من انتاج شبكة تمكين التعليم والجمعية النرويجية لذوي الاعاقة

الغريب أن بعض الطلاب الذين كانوا يواجهون حواجز أمام التعلم في بيئة التعليم الرسمي قبل حدوث الجائحة وجدوا أن التعلم الافتراضي هو نعمة مستترة.  على سبيل المثال، اشاد بعض المتعلمين من ذوي التنوع العصبي بالدراسة في المنزل، بعيدا عن مصادر الإلهاء والتوتر الناجم عن محاولة ملاءمة الدراسة في المدارس. هذا الامر يلقي الضوء على أهمية ضمان قدرة المتعلمين على الوصول إلى مساحات وفرص التعلم المتنوعة.  ومع ذلك رأى العديد من الناس أن إدخال مجتمعات تعلم افتراضية كان معيبا للغاية وتتطلب اشراك المزيد من الطلاب والأسر والمعلمين على حد سواء.

يرى العاملون في المجال التربوي والتعليمي امثالي أن تطوير بيئات التعلم الافتراضي أدى إلى زيادة إجراءات المساءلة داخل المدارس وأعباء عمل التدريس.  في إنجلترا، كان من المتوقع أن يكون هناك تأملات مكتوبة أسبوعيا.  إضافة إلى ذلك احتلت الاجتماعات والنوادي المنهجية الزائدة مساحات افتراضية وأخذت وقتاً في تخطيط الدروس.

وفي نهاية المطاف، أثرت الضغوط الإدارية، وزيادة أعباء العمل، وضبابية الحيز الشخصي والمهني بشكل عميق على رفاهة المعلمينومثل الكثيرين  من أمثالي فقد عانيت من الاحتراق الذاتي لفترة طويلة.

لقد أمضينا وقتا طويلا في تكييف دروس التعلم المنزلية لدعم احتياجات المتعلمين المتنوعة والمعقدة. ومع ذلك ، لم أستطع إسكات شكوكي الداخلية وبقيت أسأل نفسي عما إذا كان هذا كافياً. هل سيحدث هذا فرقًا لطلابنا؟ لقد تجاوز التفاوت في الوصول إلى الخدمات المقدمة للطلاب التحيزات الاقتصادية. فقد واجه أولياء أمور الطلاب ذوي الاحتياجات التعليمية الإضافية صعوبة كبيرة في تدبر احتياجاتهم الصحية والتغذوية والتعليمية المعقدة لأطفالهم.

صعوبات في الوصول

تمكن المتعلمين من ذوي الاحتياجات التعليمية الإضافية في المملكة المتحدة من وضع خطط رعاية صحية بشكل فردي مكنهم من الوصول إلى التعلم وجهًا لوجه في المدارس أثناء الإغلاق. ومع ذلك، كان هناك عدد محدود من المساحات المتاحة. وقد كانت الأولوية هي ضمان قدرة عدد كافٍ من المعلمين على دعم غالبية الأطفال الذين يتعلمون في المنزل والحفاظ على قواعد التباعد الاجتماعي لأولئك الذين يأتون إلى المدرسة. وهكذا تم اتخاذ القرارات بشأن الوصول إلى فرص التعلم الوجاهي وفقا لكل حالة على حدة.

أصبح الطلبة وبشكل مفاجئ يدرسون في منازلهم وتتطلب الامر إلى محو الأمية التقنية والمهارات اللازمة لديهم من اجل للحصول على الدروس من خلال الأجهزة الإلكترونية. وكان عليهم أن ينظموا أعمالهم الروتينية بأنفسهم وأن يستعدوا للتعلم.  كما أنه تعين على الأشخاص الذين لديهم احتياجات إضافية أن يتحكموا في تعلمهم في المنزل، دون إجراء الفحوص المباشرة المعتادة مع الموظفين الأساسيين الذين كانوا في المدرسة لدعم هؤلاء المتعلمين الذين يعطون دورات وجها لوجه.

لقد كافحت الأسر من اجل دعم قدرة أطفالها على الوصول إلى التعلم عبر الإنترنت.  وقد أثرت العوامل العمرية وغيرها من العوامل على مدى الإشراف والدعم الذي يتطلبه الطلبة من الوالدين.  بالإضافة إلى أن العديد من الآباء كانوا هم أنفسهم يعملون أيضا من المنزل. لذلك الأسر التي لديها أطفال في سن الدراسة المتعددة لا تملك غالبا وسائل وادوات كافية تتيح للجميع الوصول إلى أنشطة التعلم المنزلي عبر الإنترنت، وخاصة عندما يحتاج الآباء إلى الأجهزة اللازمة للعمل.  كما تسبب الافتقار إلى الاتصال الموثوق به في بعض المناطق إلى الإحباط. 

يتمثل دور المدارس بأكثر من كونها مجرد مساحات لتوفير فرص لتحقيق التعلم الأكاديمي. فالعديد من الأطفال الذين يتعلمون من المنزل لم يعودوا يتمتعون بنفس فرص الوصول إلى الوجبات المدرسية المجانية التي يتلقاها أطفال الأسر ذات الدخل المنخفض على الرغم من أن العديد من المدارس لا تزال تحاول تقديم الدعم الغذائي لطلابها. ومن ناحية أخرى ازداد عدد الأطفال الذين يحتاجون إلى هذا الدعم، حيث أصبح الآباء عاطلين عن العمل أثناء الجائحة.

لقد أبرزت الأزمات والتحولات الاجتماعية الهائلة التي أحدثتها الجائحة   أوجه الضعف وعدم المساواة القائمة في نظام التعليم في المملكة المتحدة والعالم على حدٍ سواء. وقد أدى الاعتراف بوجود العنصرية والتمييز على أساس الجنس والطبقية والمحسوبية المؤسسية إلى تكثيف حركات المناصرة التي تسعى إلى التغيير ودعم الطلاب من المجتمعات المحرومة.

هذا الإصدار من مجلة تمكين التعليم 

إن عدم المساواة في الوصول إلى توفير التعليم المنزلي والقضايا الأوسع التي وصفتها  أعلاه ليست فريدة من نوعها لمدرستي أو المملكة المتحدة. لقد أثرت العديد من المشكلات على المتعلمين على مستوى العالم وما زالت تفعل ذلك أيضا.  فعلى سبيل المثال، يعود الطلاب في أوغندا إلى الفصول الدراسية في يناير 2022 بعد ما يقرب من عامين خارج المدرسة. كان أثر الجائحة كبير جدا في المجتمعات الأقل حظا مثل أولئك الذين لديهم وصول محدود إلى الكهرباء أو الذين تم تهجيرهم قسراً. يشارك هذا الإصدار المقالات التي تعكس تجربتي وتعرض الاستجابات الفريدة للوباء في سياقات أخرى.

تصف المقالة الأولى بقلم (ريني إندراواتي) دور الوالدين في دعم وصول ابنها إلى التعليم العام في إندونيسيا  قبل وأثناء الجائحة. وفي المقالتين التاليتين يشارك المعلمون خبراتهم في ممارسة الحصص الدراسية عبر الإنترنت أو توفير الوصول إلى التعلم لمن هم خارج المدرسة. كما يشرح (كيلفين ميغوانغا) كيف قامت دار (جليد) بالتعاون مع الحكومة المحلية والمنظمات الأخرى لدمج الأطفال المرتبطين 

بالشارع في المبادرات التي توفر دعمًا إضافيًا وتعليمًا أثناء الجائحة. وتصف المعلمة لينا نهجها في تقديم التعليم عن بعد في الفلبين.

عندما طور صانعو القرار مناهج لتوفير التعلم المنزلي، حاولت بعض المنظمات التعلم من التعليم الموجود في مبادرات الطوارئ، بينما أجرى البعض الآخر دراسات سريعة لتحديد النطاق لفهم الاحتياجات والتخطيط وفقًا لذلك. تم إجراء بحث في أرمينيا لإدماج الأطفال ذوي الاحتياجات التعليمية الإضافية للعمل على تطوير المزيد من الدعم. وتطلعنا أركاسيا سفايان  في مقالها على النتائج التي توصلت إليها. وفي مقالته حول بنغلاديش ، يستكشف ريبون ساركار كيف أن التعلم من خلال العمل في السياقات الإنسانية منخفضة الموارد ساعد BRACعن طريق تكييف مختبرات اللعب   لدعم تعليم الفتيات أثناء الجائحة

كما نقوم أيضا بعرض العمل الخاص بشبكة تمكين التعليم لدعم توفير التعلم المنزلي الدامج. فمن خلال التعاون مع الجمعية النرويجية للإعاقة والمنظمات المحلية في الصومال وأوغندا وزنجبار وزامبيا، طورت الشبكة موادا تعليمية منزلية تبني ثقة الوالدين في دعم التعلم المنزلي لأطفالهم. وفي هذا الصدد  أطلعت دراسة استقصائية على تطوير المواد وسلطت الضوء على الوضع في 27 دولة. في المقالة الأولى لي من ثلاث مقالات حول مشروع التعلم المنزلي، قمت باستكشاف النتائج من شمال سوريا مع (سو كوركوران) و (هيلين بينوك). وتوضح المقالة الثانية تطوير المواد وطرحها، بينما يسلط المقال الثالث الضوء على النتائج الرئيسية من مراجعة المشروع.

 يشارك المؤلفون في النصف الثاني من هذا الإصدار تجاربهم في دعم المتعلمين أثناء الوباء ونتائج البحوث حول التعليم الجامع أو تطوير الموارد التعليمية والفرص لتطوير نشاط الشباب من خلال المجتمعات الافتراضية.

يصف (مايك واميا) من مشروع (إليمو) الحاجة إلى الدعم الغذائي للمجتمعات في كيبيرا، وتركيز تعليم المنظمة على الفتيات المراهقات أثناء إغلاق المدارس. تعتمد بيثاني فارار على النتائج التي توصلت إليها في أطروحة الماجستير الخاصة بها والتي تركز على المشكلات التي تواجه المتعلمين ذوي الإعاقة والأساليب التي تتبعها مدرسة خاصة في شمال إنجلترا. وتشاركنا (لينغ فونغ) خبرتها وهي معلمة تعمل مع أطفال من ذوي ضعف السمع في دعم التعلم المنزلي في ماليزيا.

يقوم كل من (مجتار منديتا ) و (إيجناسيو كالديرون-المندروس) بوصف عملهما مع مجموعة من طلاب المدارس الثانوية الإسبانية لتطوير دليل حول المناصرة لتشجيع الطلاب لتصور المدرسة التي يتطلعون إليها. وتشاركنا (آي-جونغ جريس لو ) النتائج المستخلصة من بحث الدكتوراه الخاص بها حول أهمية مجتمعات الدعم الافتراضية لآباء الأطفال ذوي الإعاقة في تايوان. وأخيرا، تصف لنا ( هانياك-كوكيرام) و ( سو كوكوران) و ( سارة ليستر ) تطوير تطبيق مجموعة رقمية من المواد التكميلية التي تستخدم التعلم القائم على الألعاب للرياضيات واللغة في آن واحد.

مناقشة كتيب التعلم المنزلي في الصومال

دافعت  شبكة تمكين التعليم والتي تمثل شبكة من المتعلمين ومقدمي الرعاية والمعلمين وأصحاب المصلحة الآخرين في مجال التعليم –  وبشكل  دائم  عن مزيد من فرص التعليم الدامج. وتسلط المقالات المدرجة هنا الضوء على أهمية الاتصالات والتعاون كمجتمع وتبادل المعرفة والتأثير في النهاية على التغيير. ومن خلال إيجاد الراحة في ما لا يمكن التنبؤ به وأن القوة في ضعفنا، فلا يجب علينا أن نخاف بعد الآن من “إلغاء كتم الصوت” ، وأن نكون التغيير الذي نريد رؤيته.

نقاش حول كتيب التعلم المنزلي في الصومال