مقدمة:
تعتبر البيئة الصفية الجامعة بمكوناتها المادية والبشرية مهمة جداً في عملية التعليم، حيث تساعد على تهيئة الأجواء النفسية والاجتماعية اللازمة لدعم عملية التعلم بشكل فعال. ولتحقيق هذا الهدف، يجب الاهتمام بجميع العناصر الواردة في البيئة الصفية، وتوظيف الاستراتيجيات التعليمية الحديثة التي تلبي احتياجات المتعلمين بمختلف خلفياتهم و فروقهم الفردية. وتتطلب هذه العملية تغييرات وإجراءات لمواءمة ممارسات التعليم مع متطلبات التعليم الجامع داخل الغرف الصفية، وتسليط الضوء على التحديات التي تواجه هذه الممارسات. وتهدف هذه المقالة إلى دراسة تأثير البيئة الصفية على تحقيق أهداف التعليم الجامع، وزيادة قدرة المعلمين على تطوير البيئة الصفية لتصبح محفزة وجاذبة لجميع المتعلمين، بما في ذلك ذوي الاحتياجات الخاصة.
تجربة بحث إجرائي في الميدان:
تمت زيارة مدرسة الاستقلال للتعليم الأساسي (الابتدائي والإعدادي)، المتواجدة في منطقة أبو سليم بمدينة طرابلس العاصمة، بهدف دراسة تطبيق سياسات التعليم الجامع في الفصول الدراسية. تم استخدام منهجية الملاحظة المباشرة ومجموعات التركيز والمناقشات للتواصل مع 10 طلاب في المرحلة الإعدادية، بما في ذلك 4 من ذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى 15 معلمًا. ويرى الباحثون أن المعلمين يشكلون ركيزة العملية التعليمية، وأداؤهم يمثل معيارًا أساسيًا لتقييم مدى تطبيق سياسات التعليم الجامع في الفصول الدراسية.
شارك المعلمون في مجموعات التركيز في الاتفاق على ضرورة تدريبهم وتأهيلهم بشكل مستمر لتطبيق استراتيجيات التدريس الحديثة لخلق بيئة تعليمية مثمرة وداعمة للطلاب. كما وجدوا صعوبة في تكييف المقررات الدراسية لتناسب ميول المتعلمين، وأنها غير ملائمة لطلاب الفئات الخاصة.
الملاحظات الصفية:
عند دخولنا لبعض فصول المدرسة، نلاحظ وجود زينة ورسومات هادفة على جدرانها تساعد المعلمين في تنفيذ أفكار متنوعة وتجذب انتباه المتعلمين لاكتساب معلومات ومهارات جديدة. يعمل المعلمون بجد لتوفير أفضل وسائل التعليم لجميع المتعلمين على الرغم من التحديات العديدة مثل الكثافة المتعلمينية والعدد الكبير من المتعلمين في الغرفة الصفية. ومع ذلك، فإن الرسومات الموجودة على الجدران توفر جهدًا ووقتًا ومالًا للمعلمين، حيث تعتبر أدوات ووسائل تعليمية جاهزة لتطبيق استراتيجيات التعلم النشط التي تناسب جميع المتعلمين، بما في ذلك المتعلمين الذين يعانون من صعوبات التعلم أو الطيف التوحدي.
تضم الفصول أيضًا طلابًا من فئات خاصة، حيث يتم إدماجهم ومشاركتهم في الأنشطة الصفية. وتجدر الإشارة إلى وجود لوحة تسمى «لوحة التعزيز» على الجدار، حيث يتم تسليم فريق المتعلمين الذي ينجز المهمة أو النشاط كأس الفوز من قبل المعلمة، مما يحفزهم ويشجعهم، كما يضفي على الدرس روح التنافس والتعاون بين المتعلمين.
تحدثت مديرة المدرسة عن اهتمامها بالبيئة الصفية وتشجيع المعلمين على ابتكار وسائل جاذبة وهادفة للتعليم، مع التنبيه على أنه يجب تجنب كثرتها حتى لا تشتت انتباه المتعلمين. وأشارت إلى أن مدرستها تحتفل باليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة في 3 ديسمبر من كل عام
التحديات التي تواجه المدرسة وأثرها على تعلم المتعلمين
تواجه المدارس اليوم العديد من التحديات التي تؤثر على تعليم المتعلمين وتتطلب حلولًا فعالة. وقد أشارت مديرة إحدى المدارس إلى أهم التحديات التي تواجهها المدرسة والتي تؤثر على المتعلمين بشكل مباشر.
التحديات:
- الظروف الاجتماعية: تمثل هذه التحديات نسبة 50% من المشاكل التي يواجهها المتعلمين وهي السبب الرئيسي في تسربهم من المدرسة.
- عدم اهتمام أولياء الأمور بحضور الاجتماعات الشهرية للمدرسة: وتهدف هذه الاجتماعات لمناقشة وحلحلة الإشكاليات التي تواجه المتعلمين.
- قصور في برامج تدريب المعلمين: فبعض المعلمين لم يتلقوا أي تدريب أثناء مسيرتهم المهنية وبالتالي يواجه بعضهم صعوبة في توفير تعليم فاعل للطلبة.
- صعوبة المتعلمين في تعلم بعض المقررات مثل اللغة الإنجليزية.
خاتمة وتوصية:
نؤكد على دور البيئة الصفية في تنفيذ سياسات التعليم الجامع وأنه لا يجب الاهتمام فقط بتعليم المتعلمين دون النظر للعوامل المحيطة بهم، فمن المهم توفير بيئة صفية جامعة بمكوناتها المادية والبشرية بحيث يكون الصف مصدر جذب للطلبة، وأن يكون المعلم مدرباً ومؤهلاً للقيام بدوره ويقدم خيارات لإشراك المتعلمين والمحافظة على اهتمامهم وأن يعرض المعلومات بطرق مختلفة لتحقيق هدف المشاركة الكاملة في الصف الدراسي وإثارة دافعية الطلبة وتحفيزهم على التعلم.
حنان احمد حمد – طرابلس -ليبيا
مستشار مع وكيل وزارة التربية والتعليم للشؤون التربوية في ليبيا